الأقباط متحدون - عندما انتصرت مصر لعودة الحياة
  • ١٠:٥٧
  • الاثنين , ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٣
English version

عندما انتصرت مصر لعودة الحياة

مقالات مختارة | مدحت بشاي

٣٨: ٠٩ ص +00:00 UTC

الاثنين ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٣

مدحت بشاي
مدحت بشاي

مدحت بشاي
ولو على سبيل التقاط الأنفاس كان حلم وقف دوى أعمال القصف الجنونية.. مجرد حلم صعب المنال كان ينتظر تحقيقه الملايين من داعمى حقوق الإنسان فى كل الدنيا.. وعليه، بات مقدرًا ومشكورًا كل الجهود الرائعة التى بُذلت من أجل تحقيق ذلك الحلم الإنسانى التى دعت الرئيس الأمريكى لتقديم الشكر للرئيس المصرى لإدارته الناجحة عمليات الوساطة، إلى حد التعبير بالامتنان 3 مرات عبر خطاب لم يستغرق سوى خمس دقائق.

بعد حوالى 47 يومًا من بدء العدوان الإسرائيلى الجبان الغاشم على قطاع غزة وما خلفه من ويلات المجازر والحرائق والهدم الجنونى لكل أسباب الحياة، خرج المواطن المصرى ليعلنها لكل الدنيا: هدنة لإيقاف فزع آلة الحرب حققناها لبداية جولة لإعادة الحياة.

كان العالم قد حبس أنفاسه أيام، وليالى، ممارسة القهر الشيطانى الصهيونى، حتى مع احتشاد الميادين بملايين البشر فى كل عواصم الدنيا بمختلف لغاتها وبتنوع رسائلها الإنسانية بعد أن ظل مجرد الوصول إلى وقف لحظى لإطلاق النار من رابع المستحيلات ومن الصعوبة بمكان.

بإعلان انطلاق الهدنة المتفق عليها يمكن إعلان وقف نزيف الدماء والعودة النسبية لممارسة شبه الحياة العادية لأهالينا فى غزة، فضلًا عن إطلاق سراح سجناء الدولة العبرية من أبناء فلسطين، واستمرار انطلاق عمليات دخول الشاحنات المحملة بالإسعافات الطبية والغذائية عبر معبر رفح الذى لم يغلق يومًا، لتصل إلى العالقين بين أنقاض غزة ينتظرون العون والغوث ويحاولون دفن موتاهم.

وقد ذكر فى تفاصيل تلك الهدنة أنها تستمر لمدة 4 أيام قابلة للتمديد ويشمل الاتفاق تبادل 50 من الأسرى من النساء المدنيات والأطفال فى قطاع غزة فى المرحلة الأولى مقابل إطلاق سراح عدد من النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين فى السجون الإسرائيلية، كما تسمح الهدنة بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية بما فيها الوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية وبهذا النجاح أصبحت تلك الوساطة لإيقاف المجازر الإسرائيلية حديث جميع الأوساط الدبلوماسية والإعلامية تدعمها مظاهرات غضب كل قوى السلام فى العالم، وهم مَن ثمنوا غاليًا الدور المصرى التاريخى فى هذا السياق.

ومنذ الساعات الأولى لقصف غزة توالت المشاهد المصرية الإنسانية والوطنية والعروبية الرائعة مع عبور المساعدات من الجانب المصرى إلى قطاع غزة، وانتظار وصول الجرحى والمصابين ومن ثم نقلهم بسيارات الإسعاف إلى المستشفيات، ما يؤكد على دور مصر الكبير فى مساندة الأشقاء الفلسطينيين، جراء القصف الإسرائيلى المستمر على عدد من المناطق فى قطاع غزة.

ولا شك أن مصر لم تدخر جهدًا على مدى الساعة، ولم تغلق المعبر ولكن القصف الإسرائيلى من الطرف الآخر والتعنت الإسرائيلى هو السبب فى بطء إيقاع تواصل الشعبين المصرى والفلسطينى عبر المعبر.

ووفق تلك الرؤية الإيجابية للتفاعل مع تفاصيل الكارثة تعامل الرئيس عبدالفتاح السيسى بإيقاع على طريقة «مسافة السكة» شعاره العروبى العظيم، فهو الذى طالما ما حدثنا عن أهمية العمل المتسارع على تنمية الوعى بأبعاد الواقع المحلى والعربى.

وعليه، ونحن نتابع كارثة «الحرب على غزة» توالت الرسائل المصرية المهمة، بداية بما صرح به الرئيس أثناء وعقب زيارة وزير الخارجية الأمريكى، وتعمد توجيهه بفتح الهواء ليُسمع العالم كله محددات الموقف المصرى بكل وضوح ودون مواربة، بما لا يقبل أو يسمح بتزييف أو تأويل من قِبل قوى الشر وأتباع شياطين السياسة، ولعل أهم ما ذكره الرئيس فى إيجاز من رسائل إعلامية وطنية وعروبية وإنسانية مهمة يمكن عرضها فى سطور تلغرافية لضرورة التذكير بها، والتى منها:

• بالإشارة إلى الرقم الضخم لضحايا الانتهاكات الإسرائيلية بسبب جولات العنف المتكررة فى غزة، نرى أن رد الفعل الإسرائيلى قد تجاوز مبدأ حق الدفاع عن النفس إلى العقاب الجماعى غير المقبول.

• «نبذل جهودًا لاحتواء الموقف فى غزة وبضمان عدم تدخل أطراف أخرى».
• «من المهم خفض التوتر وتيسير دخول المساعدات إلى قطاع غزة».

• وتساءل الرئيس: لماذا قُتل «السادات»؟ ولماذا قُتل «رابين»؟ ومَن الذى قتلهما؟، المتطرفون، ونحن بحاجة للعمل سويًا.. فى رسالة واضحة تشير إلى بشاعة أهل التطرف وأنه لا عودة لزمن مهادنة قوى البغى والظلم والتخلف الفكرى.

• «أنا اتربيت فى حى كان بجوارى يهود ولم تحدث لهم أى مشكلة، لم يتعرض اليهود فى أى يوم لأى شكل من أشكال القمع أو الاستهداف، كما لم يحدث فى المنطقة العربية أن تم استهداف اليهود على مدار التاريخ القديم والحديث، وفى المقابل كان استهداف اليهود فقط فى الدول الأوروبية، لكن لم يحدث ذلك مطلقًا فى الدول العربية»، ولعل فى دلالة وأهمية ذلك التصريح الرد على تصريح وزير الخارجية الأمريكى «أنا آت هنا كيهودى وليس كوزير خارجية، وأمريكا تقدم الدعم غير منقطع النظير لإسرائيل فى كل المجالات وقد أعطى الرئيس بايدن الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بالانتهاكات ضد الفلسطينيين».

هى بحق رسائل غاية فى الأهمية لوضع النقاط على الحروف توجهها مصر العربية الحرة الأبية والتاريخ والجغرافيا حول التفاعل مع «قضية القضايا» فلسطين وحقوق عربها التى فى العين والقلب.

وبالفعل وصلت الرسائل إلى الإعلام العالمى والإقليمى والعربى والمحلى لفرط صدق مفرداتها وإنسانية فحواها ودلالاتها السياسية والدبلوماسية المصراوية البديعة.
نقلا عن الدستور

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع