غواص فى بحر اللغم (٣-٣)
مقالات مختارة | د. وسيم السيسي
٢٩:
١٠
ص +00:00 UTC
السبت ١٦ مارس ٢٠٢٤
د. وسيم السيسي
يقول الدكتور سمير فرج فى كتابه: شاهد على حرب أكتوبر ١٩٧٣، إن أهم قرارات لجنة «أجرانات» هو عزل رئيس الأركان الإسرائيلى، ديفيد إليعازر، من منصبه، والتوصية بعدم توليه أى مناصب رسمية فى إسرائيل، هذه اللجنة لم تعلن عن تقريرها النهائى حتى الآن، وذلك من أجل إخفاء الفشل الذريع الذى مُنيت به القوات الإسرائيلية فى الحرب، وأيضًا لعدم الرغبة فى الاعتراف بعظمة الجيش المصرى، الذى ظلوا لسنوات من بعد هزيمة ٦٧ يرددون أنه «لن تكون له قومة مرة أخرى» ص١٢٧.
بعد اندلاع حرب ٧٣، قرر ٣ من الصحفيين فى بروكسل، عاصمة بلجيكا، تغطية الأعمال العسكرية، ثم توثيقها فى كتاب مشترك «الذبح»، انطلقوا إلى:
١- رئاسة الأركان. ٢- الجبهة الإسرائيلية فى سيناء. ٣- الصحفى الثالث إلى جبهة الجولان حيث القيادة الإسرائيلية هناك، شاهد الصحفيون العسكريون التفوق الكمى والنوعى الإسرائيلى، شاهدوا خط بارليف، شاهدوا استحكامات الجولان، اقترحوا اسمًا لكتابهم: الذبح «The Slay»، طبعًا ذبح القوات المصرية، وأن القتال لن يتوقف إلا بعد الاستسلام الكامل من مصر وسوريا لإسرائيل. قال الصحفى الأول الذى كان فى رئاسة الأركان: كانت الصدمة والذهول من براعة التخطيط المصرى، وتدفق القوات المصرية على خط بارليف والضفة الشرقية، علق أحد القادة الموجودين: المصريون كجيوش النمل يخترقون أى موانع، لا نستطيع إيقافها أو حتى التصدى لها. يقول هذا الصحفى: شاهدت دموع الحسرة فى عينى جولدا مائير، ووزير دفاعها موشى ديان، فكانت طائرات الجسر الجوى الأمريكى C5 تهبط فى مطار العريش حاملة أحدث أنواع الأسلحة لنجدة إسرائيل التى أعلنت هزيمتها.
يقول الصحفيون الثلاثة: اضطررنا بعد الحرب لأن نغير اسم الكتاب من الذبح إلى الكابوس The Nightmare على إسرائيل.
يحدثنا د. سمير فرج كيف بأن حرب ٧٣ غيرت كثيرًا فى المدارس العسكرية العالمية بفضل إبداعات المصريين، وكان أولها تدمير المدمرة إيلات أثناء حرب الاستنزاف، توقفت الدول عن بناء المدمرات الكبيرة، وحاملات الطائرات، وبدأ الاعتماد على اللنشات السريعة مع تسليحها، كما فعلت مصر. كذلك غيرت مصر فى مفهوم السيادة والسيطرة الجوية وذلك بأعداد ضخمة من الطيارات، أدخلت مصر سلاحًا جديدًا وهو تحييد السلاح الجوى «بحائط الصواريخ»، حتى إن قائد القوات الجوية أطلق تحذيرًا لقواته بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة ١٥ كيلومترًا، فنجح حائط الصواريخ فى بتر اليد الطولى لجيش الدفاع الإسرائيلى.
كذلك كان من إبداعات مصر: الستارة المصرية المضادة للدبابات، لقد غيرت مصر قانون القتال البريطانى، فى بند القتال فى الأراضى الصحراوية، تجد بندًا ينص على استخدام الستارة المصرية المضادة للدبابات، مشيرًا إلى أنها نتاج فكر المصريين فى حرب أكتوبر ص١٤١.
هناك تأثير آخر للعبقرية المصرية: الحصار البحرى عن بعد Distant Naval Blockade حين نجحت مصر فى غلق مضيق باب المندب ضد الملاحة الإسرائيلية.. فيما يُعد أكبر مفاجأة من مفاجآت حرب أكتوبر، وظل ميناء إيلات مغلقًا تمامًا، وبعد أن توقفت الحرب، وبدأت مفاوضات الكيلو ١٠١ كان أول طلبات إسرائيل فتح مضيق باب المندب.
فى مناظرة علمية بين الدكتور اللواء سمير فرج وآرييل شارون وكانت هذه المناظرة بترتيب هيئة الإذاعة البريطانية، وأشهر مذيع على مستوى إنجلترا وأوروبا واسمه إدجار آلن، وبدأت التنويهات عن هذه الحلقة الفريدة وغير المسبوقة: لأول مرة ضابط مصرى والجنرال شارون فى برنامج بانوراما وأحداث حرب أكتوبر ١٩٧٣، هذه الحلقة تحتاج وحدها إلى عدة مقالات، ولكنى أكتفى بسؤال شارون من المذيع إدجار آلن: ما المفاجأة التى لم تتوقعها ووجدتها فى حرب ٧٣؟ فكان رد شارون: لا هو التوقيت، ولا هو الإعداد لهذه الحرب، ولكن المفاجأة الكبرى كانت الجندى المصرى.
نقلا عن المصري اليوم
الكلمات المتعلقة