الأقباط متحدون - تغيرات المناخ وتأثيراتها على التصحر والمياه
  • ١٢:٠٤
  • الأحد , ٢٦ سبتمبر ٢٠٢١
English version

تغيرات المناخ وتأثيراتها على التصحر والمياه

د. نادر نور الدين

مساحة رأي

٤٤: ١١ ص +00:00 UTC

الأحد ٢٦ سبتمبر ٢٠٢١

 د. نادر نور الدين
د. نادر نور الدين

 د. نادر نور الدين

منذ صدور تقرير ألبرت أرنولد جور (آل جور) وفريقه عام 2007، وحصوله على جائزة نوبل للسلام عن تغيرات المناخ وارتفاع حرارة كوكب الأرض بسبب الانبعاثات الغازية الناتجة من التقدم الصناعى والزراعى ووسائل النقل وتأثير ذلك على كل نواحى الحياة، والتقرير يثير اهتمامات الكافة، خاصة بعد أن ثبت يقينًا أن تغيرات المناخ أصبحت حقيقة ملموسة، وليست فقط مجرد توقعات ترقى إلى حد اليقين.

 
التقرير أوضح أن الانبعاثات الغازية، خاصة لأول وثانى أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والكبريت ومعها مجموعة من غازات التبريد فى الأجهزة المنزلية ثم غازات المستنقعات وزراعات الأرز واجترار المواشى للغذاء من الميثان وغيرها، تقوم بالتراكم فى طبقات الجو العليا بكثافة، وتمنع خروج حرارة كوكب الأرض الناتجة من تنفس الإنسان والحيوان والنباتات والميكروبات وحرارة ودخان المصانع والتخمر وغازات المستنقعات والاجترار، وتعيدها مرة أخرى إلى كوكب الأرض، بما يؤدى إلى ظاهرة الاحتباس الحرارى وزيادة حرارة كوكب الأرض تباعًا.
 
ورغم وجود العديد من الظواهر الطبيعية المبردة مثل الرياح وثليج القطبين والأمطار، فإن تراكم جزيئات غازات الاحتباس الحرارى فى طبقات الجو العليا يعمل على اصطدام الحرارة والغازات الصاعدة من الكوكب معها وارتدادها إلى داخل الكوكب مرة أخرى.
 
يتسبب القطاع الصناعى فى نحو 61% من إجمالى غازات الاحتباس الحرارى، ويليه القطاع الزراعى بنحو 31%، ثم وسائل النقل والمواصلات والمستنقعات وبعض الأنشطة الحياتية الأخرى وغازات التبريد.
 
وأشار التقرير إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بنحو 2.5 درجة مئوية فعليًا بسبب التقدم الصناعى الكبير للدول الصناعية الكبرى بشكل أساسى، بما يتطلب من هذه الدول تقليل انبعاثات هذه الغازات من صناعتها والتحول إلى الصناعة النظيفة والخضراء والصديقة للبيئة حتى يمكن تقنين ارتفاع حرارة كوكب الأرض فى درجتين ونصف الدرجة فقط حتى عام 2050 دون زيادة وإلا شهد الكوكب ارتفاعات متتالية تزيد على خمس درجات، (كما هو حادث فى دول شمال إفريقيا)، وتؤثر على إنتاج الغذاء فى العالم وتصحر وتدهور الترب الزراعية وانعدام الأمن الغذائى وظهور أمراض جديدة تؤثر على صحة الإنسان والحيوان وأيضًا تستنفد وتبخر الموارد المائية العذبة والثابتة فى كوكب الأرض.
 
طالب التقرير أيضًا بحتمية تعويض الدول الصناعية الكبرى المسؤولة الرئيس عن الانبعاثات الغازية للدول النامية ودول الجزر، التى ستعانى تداعيات تغيرات المناخ، دون أن تتسبب فيها، إلا أن الدول الصناعية الكبرى تفننت فى اختلاق المشكلات حتى تتهرب من الدفع، حيث اتهمت أمريكا كلًا من الصين والهند بأنهما المُسبِّب الرئيسى لغازات الاحتباس الحرارى بسبب توسعهما فى استخدام الفحم فى الوقود وفى توليد الطاقة، وفى المقابل اتهمت الصين والهند الولايات المتحدة بأنها بعدد سكانها القليل، الذى لا يتجاوز 350 مليون نسمة، هى المُسبِّب الرئيسى لغازات الاحتباس الحرارى مقارنة بعدد سكان الصين، البالغ 1400 مليون، والهند البالغ 1200 مليون، وكلاهما معًا يمثلان ثلث سكان كوكب الأرض، وبالتالى طلبوا أن تكون التعويضات بناء على نصيب الفرد فى هذه الدول من إنتاج غازات الاحتباس الحرارى وليس بالكمية المطلقة للدول.
 
وعمومًا، وبصرف النظر عن المتسبب فى إنتاج غازات الاحتباس الحرارى، فإن ارتفاع حرارة كوكب الأرض سوف يتسبب فى تراجع إنتاجية أغلب الحاصلات الغذائية فى كوكب الأرض بنسبة 20%، وربما تزيد فى بعض الحاصلات عن ذلك، ويتأثر إنتاج العالم كثيرًا من القمح والذرة وزيوت الطعام والسكر والبقول، بما سيرفع من أسعار الغذاء ويُعمِّق من الإحساس بانعدام الأمن الغذائى.
 
الأمر الثانى أن الاحترار العالمى وارتفاع درجة الحرارة سوف يعملان على زيادة البخر سواء من أوراق النباتات والأشجار أو من سطح التربة أو من ترع توصيل المياه، بما يعنى أن إنتاج نفس الكمية الحالية من الغذاء سوف يستهلك مياهًا أكثر فى زمن شح المياه وندرتها، كما سيعمل على تراكم الأملاح الضارة فى الترب الزراعية بسبب البخر العالى للمياه وتراكم ما تحتويه من أملاح، وهذا يتطلب توفير قدر آخر من المياه لغسل هذه الأملاح حتى لا تتراكم فى التربة وتُخرجها عن نطاق إنتاجيتها وتحولها إلى تدهور وتصحر بما يؤثر على تراجع إنتاج الغذاء ومختلف المنتج الزراعى فتزيد معاناة الإنسان.
 
فالتصحر يعنى تحول الترب الزراعية المنتجة إلى أراضٍ غير منتجة للغذاء، شأنها شأن الصحراء، بما يتسبب فى تراجع إنتاج الغذاء فى الكوكب وندرته وارتفاع أسعاره وتوالِى حدوث أزمات الغذاء العالمية. التصحر يحدث بشكل أساسى بسبب تدهور التربة من تراكم الأملاح أو انجراف التربة بالرياح العاتية والفيضانات الغزيرة من السيول والأنهار والجفاف والقحط، والناتجة من تغيرات المناخ، فيما يُعرف بالظواهر الجانحة، حيث يصبح الصيف أشد حرارة والشتاء أشد برودة، مع استنزاف الغذاء من التربة بسبب توالِى الزراعات واستخدام التقاوى والبذور عالية الإنتاجية، التى تستهلك جزءًا كبيرًا من مخزون التربة من الغذاء.
 
تغيرات المناخ تؤدى أيضًا إلى ارتفاع مستوى مياه البحار والمحيطات بسبب ذوبان جزء كبير من ثليج القطبين، وخاصة القطب الشمالى، وذوبان ثليج قمم الجبال، بما يؤدى إلى اقتحام مياه البحار والمحيطات المالحة للأراضى المجاورة لها وغمرها وخروجها عن الإنتاجية الزراعية، خاصة أراضى الدلتاوات الزراعية المنخفضة، حيث أكثر ما سيتضرر دلتاوات نهر النيل والجانج والميكونج فى جنوب شرق آسيا والصين وفيتنام، والأمر يستدعى تكلفة كبيرة لتدبيش وتحجير الشواطئ لمنع اقتحام مياه البحر لأراضى الدلتا، بالإضافة إلى إنتاج تقاوى وبذور مقاومة لارتفاع تركيزات الأملاح والحرارة والعطش بسبب تغيرات المناخ.
 
تداعيات كثيرة لتغيرات المناخ سوف يعانى منها القطاع الزراعى والترب الزراعية وإنتاج الغذاء بشكل خاص، بالإضافة إلى تقليص الموارد المائية وتبخر المياه بنسب كبيرة، مع تداعيات على صحة الإنسان والحيوان والنبات، بما ينبغى اتخاذ كل التدابير الخاصة بالتأقلم معه ومواجهة هذه التغيرات.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد